5/11/07

مفسحاتي كلاب‏..‏ بالليسانس‏!


لم أكن أتصور حقا أن أشاهد بعيني شابا زي الورد يقبل أن يعمل بعد أن داخ السبع دوخات ـ وشهادة الجامعة قد بارت وفسدت في جيبه ـ في آخر المطاف

مفسحاتي كلاب‏!‏

لا تتعجبوا أو تضحكوا‏..‏ أي والله يأخذ كلاب الست أو البيه إلي الطريق للفسحة والترويح وقضاء وقت سعيد في أحضان الطبيعة‏..‏ ثم يعود بعد ساعتين أو ثلاث‏..‏ والراتب آخر الشهر ثلاثمائة جنيه‏!‏

ولأن حكومتنا الإلكترونية الذكية الرشيدة قد خلعت يدها من زمان من بند توظيف الشباب الذي شقي العمر كله وشقي الأهل معه ودفعوا دم قلبهم حتي حصل علي الشهادة المأمولة‏..‏ وأصبح لدينا نحو‏4‏ ملايين شاب وشابة زي الورد المفتح‏..‏ كل واحد يهد بعافيته حيطة بحالها‏..‏ جالسون وجالسات إما في البيوت أو علي المقاهي أو متسكعين علي النواصي‏..‏ أو مبرشمين ومخدرين ومكتئبين ولا الضالين‏..!‏فإنه قد أصبح مشهدا مألوفا وعاديا أن تشاهد شابا يفسح كلابا وأجره علي الله‏..‏ تماما كما فعل عادل إمام في فيلم رجب فوق صفيح ساخن مع سعيد صالح‏..‏ عندما اكتشف أن الوظيفة المتاحة له بعد أن خسر الجلد والسقط هو مفسحاتي كلاب‏!‏

وتندرنا أيامها علي شغلانة مفسحاتي كلاب وضحكنا علي رجب وهو يفسح الكلاب واعتبرناها نكتة قبل نحو ربع قرن‏..‏

كما ضحكنا علي عادل خيري في مسرحية إلا خمسة قبل أربعين عاما‏..‏ عندما طلبت منه ماري منيب أن يفسح الكلبة زهرة‏..‏ وقال عادل خيري أيامها عبارته الشهيرة‏:‏ مفسحاتي كلاب بالليسانس‏..‏ يا بلاش‏!

ولكن تغيرت الأيام في كل حكومتنا الإلكترونية الذكية الرشيدة نصيرة الغلابة وأبناء البطة السوداء‏..‏ وأصبحت النكتة حقيقة‏!‏

والحكاية والرواية أن الزميلة نهي صادق الصحفية النشيطة التي تمتلك طاقات صحفية هائلة لم تكتشف بعد‏..‏ فاجأتني يوما بقولها‏:‏ عاوز تشوف حاجة فوق تصور العقل؟‏!

‏وعندما قلت لها‏:‏ قولي‏..

‏قالت‏:‏ شباب بالليسانس والبكالوريوس داخ السبع دوخات علي وظيفة في الحكومة‏,‏ أو غير الحكومة مالقاش‏..‏ وفي الآخر راح اشتغل مفسحاتي كلاب‏!‏

قلت بدهشة‏:‏ معقولة‏..‏ فيلم عادل إمام ومسرحية الريحاني أصبحت حقيقة‏!‏

قالت‏:‏ تعال معي لأريك بعينيك‏!‏

*******

مفسحاتي كلاب بـ‏300‏ جنيه‏!‏

نحن الآن في حي الزمالك علي الكورنيش المطل علي النيل‏..‏ كان هناك شاب يمسك بلجام ثلاثة كلاب صغيرة من نوع اللولو وكلب آخر في حجم الأسد الغضنفر من نوع البولدوج‏..‏ الكلاب تجري هنا وهناك سعيدة بالنيل والهواء العليل‏..‏كنت أرقب المشهد الأخير لشباب مصري تعلم وتعب وسهر الليالي حتي حصل علي الشهادة‏..‏ وفي النهاية لم يجد أمامه إلا شغلانة مفسحاتي كلاب‏!‏

تقدمت إليه الزميلة نهي صادق واستوقفته‏..‏ ودار بينهما حوار كنت أسمعه ولم أشارك فيه‏:‏

لا يهم اسمه هنا‏..‏ سألته‏:‏ انت بتعمل إيه؟

قال‏:‏ زي ما انتي شايفة بفسح الكلاب الظراف دول‏!‏

سألته‏:‏ بتوعك؟

قال‏:‏ لأ‏..‏ دول بتوع سعادة البيه والست هانم‏!‏

سألته‏:‏ انت خريج إيه؟

قال‏:‏ معايا ليسانس حقوق من سبع سنوات‏..‏ وتعبت كتير أدور علي شغلانة بالمؤهل العالي مافيش‏..‏ رحت مكتب محاماة أتمرن ببلاش‏..‏ وبعدين زهقوني في عيشتي‏..‏ شغلوني مرمطون في المحاكم ببلاش سنة بحالها‏..‏ طفشت‏..‏ وبعدين جماعة أصدقائي عرضوا علي وظيفة مغرية وهي بالإنجليزي‏DogMan..‏ وترجمتها عندنا مفسحاتي كلاب‏!

‏تسأله‏:بكام في الشهر؟

قال‏:‏ بــ‏300‏ جنيه‏..‏ يعني تطلع فسحة الكلاب في اليوم لمدة‏3‏ ساعات بــ‏10‏ جنيهات‏!

‏تسأله‏:‏ مبسوط؟

قال‏:‏ مبسوط واللا زعلان‏..‏ طبعا موش مبسوط لكن أهه شغلانه بدل ما أنا قاعد لهم في البيت زي قرد قطع‏!‏

الكلاب تزمجر وتتلمظ وتهوهو‏..‏ وكبيرهم البولدوج يفتح فمه علي الآخر‏..

‏ يستأذن الشاب بقوله‏:‏ معلهش بقي عن اذنك لحسن الكلاب ركبها العصبي‏!‏

*******

‏صبي عالمة‏..‏ بالبكالوريوس*‏

طابور أبناء البطة السوداء في بلدنا طال واستطال بعد أن ظهر في حياتنا شيء اسمه الواسطة التي أصبحت لها كل السلطان والصولحان في تعيين الشباب مؤهل أو بدون مؤهل للأهالي الذين لهم ظهر وسند وحائط يستندون إليه من كبار القوم وحضرات النواب الأفاضل والكبراء والوزراء وكل من يملك في يده قلم الإمضاء‏..‏

حتي إن موظفا أروبة من نوع فتحي أفندي بتاع وزارة الزراعة الذي طلع علي المعاش بدري بدري وأصبح مقره ومستقره علي قهوة عجوز في حارة جوانية في ميدان الدقي

قال لي‏:‏ تصدق بالله كل الوظائف التي يعلنون عنها في الصحف‏..‏ مطلوب موظفين‏..‏ مطلوب مهندسين‏..‏ مطلوب أطباء وصيادلة‏..‏ مطلوب حتي عمال مجاري‏..‏ وييجي الأولاد والبنات يدفعوا رسم الاشتراك في الامتحان وهو لا يقل عن خمسين جنيها‏..‏ شوف بقي كام ألف متلطم ومتلطمة علي وظيفة في بلدنا‏..‏ يبقي المجموع كام ألف جنيه‏..‏ وتعقد لجان الامتحانات‏..‏ والأولاد والبنات والآباء والأمهات صابرين صبر أيوب علي ما تطلع النتيجة‏..‏ والوظائف مشغولة بالفعل من سنة بأصحاب الوسايط وأبناء كبار الموظفين من أبناء البطة البيضاء‏..‏ يعني الإعلان كده منشور في الجرايد مجرد سد خانة حسب القوانين واللوائح‏..‏ وعندما يذهب الأولاد والبنات ليسألوا عن النتيجة‏..‏ فالجواب جاهز‏:‏ لم ينجح أحد‏..‏ ومن امتي ولاد البطة السوداء بينجحوا؟‏!

‏موظف آخر علي المعاش أيضا يجلس إلي جواره واضعا همه في جذب أنفاس من شيشة تقطع القلب‏..‏

قال لي‏:‏ سأحكي لك حكاية جار لنا موظف مثلي له ابن حيلة‏..‏ يعني مافيش غيره‏..‏ بعد ما تخرج في كلية التجارة حفيت رجليه عشان يوظفه‏..‏ مافيش‏..‏ سنة سنتين خمسة مافيش‏..‏ وفي يوم الولد جه لأبوه

وقاله‏:‏ أنا لقيت وظيفة مؤقتة في كباريه‏..‏ حارس ليلي‏..‏

بكام يابني؟

قال له‏:‏ بــ‏400‏ جنيه في الشهر‏..‏

كويس‏..‏ رضا‏..‏

الولد بدأ يسهر من الساعة عشرة بالليل لحد الصبح‏..‏

وفي ليلة الفار لعب في صدر الأب قام واخد بعضه وراح يشوف ابنه‏..‏

ودور عليه في الملهي الليلي ما لاقاهوش‏..‏ سأل اللي واقفين علي الباب ماحدش شاف حسن؟

قالوا‏:‏ احنا نعرف بس سونة‏..‏

قال لهم‏:‏ وروني سونة ده‏!‏

قالوا له‏:‏ بعد نمرة الرقاصة‏!‏

انتظر الأب وتفرج علي الراقصة اللهلوبة والهليبة السكاري يلقون عليها أوراق البنكنوت‏..‏ من أين أتوا بها لا أحد يعرف‏..‏

وإذا بابنه المصون يخرج من وراء الستار ليلم النقطة من علي أرض البيست ويختفي خلف الستارة مرة أخرى‏!‏

يعني اكتشف بعد مشوار تعليم وصرف طوله ستة عشر عاما‏...‏ أن سونة أو حسن ابنه خريج الجامعة يعمل آخر الليل‏..‏ صبي عالمة‏

..‏ يابلاش‏!

قلت‏:‏ يعني دور أحمد آدم في فيلم ياتحب ياتقب أصبح هو الآخر حقيقة‏!

*******

ألاعيب القطاع الخاص‏!‏‏

ولأن الحكومة الإلكترونية الذكية المصونة قد خلعت يدها من توظيف الشباب ونفضت يدها من هم التوظيف وسنينه‏..‏

ولم يعد هناك خطابات تعيين ولا يحزنون‏..

‏ولأن الشباب يعرف أحوال بعضه البعض‏..‏ ويعيش آماله وأحلامه وأحزانه وأوجاعه معا‏..‏

فقد طلبت من الزميلة الصحفية الشابة نهي صادق أن تقتحم مجتمع الشباب الجالس تحت شجرة الأمل بلا عمل‏..‏ وطابورهم يقف فيه الآن ـ حسب الإحصائيات الرسمية ـ نحو‏3‏ ملايين شاب وشابة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة‏..‏ وحسب أرقام المؤسسات الدولية ضعف هذا الرقم ويزيد‏..‏ يضاف إليهم كل سنة علي الأقل‏400‏ ألف خريج وخريجة أدارت الحكومة المصونة ظهرها لهم وتركتهم لألاعيب القطاع الخاص الذي يأكلهم لحما ويرميهم عظما‏..‏

بلا تأمينات اجتماعية‏,‏

وبلا أي ضمان‏,

‏ وبلا علاج‏,‏

وبعقود احتكارية برواتب وهمية يصرفون شهرا ويتوقفون شهورا‏..‏

ولا يستطيع أي واحد منهم أن ينطق أو حتي يشكو‏..‏

ففي ملفهم شيكات موقعة منهم وكمبيالات تودي في داهية‏..‏

ومن يعترض‏..‏ الشارع في انتظاره‏!

‏غابت أسبوعا وعادت

تقول لي‏:‏ سأحكي تجربتي الشخصية قبل التعيين‏..‏ وهي تستحق التسجيل لأنها صورة حقيقية لما يعانيه الشباب‏..‏ كل الشباب هذه الأيام‏:

‏لقد تخرجت عام‏99‏ في كلية الآداب قسم اللغة الإسبانية وكلي آمال وطموح أن أحصل علي وظيفة تتناسب مع مؤهلي‏..‏

وبدأت أطالع جميع إعلانات الصحف‏,‏ وكان التركيز علي شركات السياحة‏,‏ ولأنني لا أملك أي وساطة وليس لي قريب كبير‏..‏ أو وزير‏,‏ أو نائب في البرلمان‏..‏ فلم أستطع الحصول عليها‏..‏

وأشار علي البعض بأن الكمبيوتر هو المستقبل‏..‏ فتوجهت إلي أحد المراكز العالمية المعتمدة لأخذ بعض الدورات التدريبية‏..‏ وعاودت مرة أخري البحث‏..‏ إلا أنني وجدت المتاح أمامي هو سكرتيرة تنفيذية لمدير أو مسئول‏..‏

وبدأت أتوجه إلي الشركات لتقديم أوراقي‏..‏ ولكنني وجدت نفسي أقع في فخ‏,‏ وأن الوظيفة المتاحة هي مندوبة مبيعات‏..‏ وأن الإعلان عن الوظيفة مجرد تورية وباب خلفي لأشياء غامضة كثيرة‏..‏ فقد رفضت وبدأت الإغراءات تتساقط علي من كل جهة‏..‏

ياعبيطة خلال شهور سيصل راتبك إلي‏3‏ آلاف جنيه‏..‏ إذا استطعت تحقيق جدارتك وارتفاع أرباح الشركة من خلالك‏!..‏

ولكني رفضت‏..‏ولم يتملكني اليأس‏..‏ وحاولت في طريق آخر وهو مجال الترجمة‏,‏ حيث إنني أتقن ثلاث لغات وتوجهت إلي جميع سفارات دول أمريكا اللاتينية‏..‏ ولكن مع الأسف طلبوا خبرة خمس سنوات‏,‏ وانغلق باب آخر من الأمل في وجهي‏!‏

واستمر الحال لمدة عامين كنت خلالها قد طرقت جميع الأبواب للعمل‏,‏ ولكن دون جدوي‏..

‏وفي النهاية وضعت الشهادة الجامعية علي الحائط والنزول إلي أرض الواقع للعمل في أي شيء‏..‏ إلا بمؤهلي الجامعي‏!‏

وفعلا استطعت أخيرا العمل بإحدي المجلات وبدأت اتجاهاتي نحو الكتابة تظهر برغم أنه كان مجالا بعيدا كل البعد عن تخصصي‏!‏

ولأن طوابير الشباب المصلوبة تحت شمس الوظيفة المعتمة‏..‏ قد تلطمت بها الدنيا بحثا عن خرم ابرة توكل عيش‏..‏ فقد بدأت شركات تطفو علي سطح مجتمعنا منذ أعوام قليلة تسمي شركات توظيف الشباب‏..‏ الغرض منها توفير فرصة عمل لكل شاب‏..‏ ولكن يبدو أنها ستار لما هو أكثر من ذلك‏..‏ أوهام‏..‏ أحلام‏..‏ أو حتى عمليات نصب‏!
*******

التقينا بنماذج من شباب وشابات حفيت بهم الأقدام‏..‏‏

وتقول هنا لبني‏:‏ لقد سمعت عن إحدي هذه الشركات من إحدي صديقاتي التي أكدت لي أن هذه الشركة توفر فرص عمل في وقت قصير‏..‏ فتوجهت بالسيرة الذاتية وكلي آمال بعد أن انغلق أمامها الكثير من الأبواب‏..‏ وكانت الصدمة الأولي التي واجهتها أن هناك شروطا للتقديم للحصول علي وظيفة‏.

‏ــ ازاي؟

أولها‏:‏ دفع رسوم ملء استمارة التقديم تبلغ قيمتها‏100‏ جنيه حتة واحدة‏..‏ لجدية التعاقد مع الشركة‏!‏

وثانيها‏:‏ عند الحصول علي الوظيفة يتم خصم نصف راتبي ليعود لشركة التوظيف كعمولة لها باعتبارها الوسيط بينها وبين الشركة‏,‏ وذلك لمدة ستة أشهر‏!‏

ولأن الغاية تبرر الوسيلة وافقت وأبلغوني خلال أسابيع سأتلقي الرد حتما‏..‏وانتظرت طويلا‏..‏ أسابيع وشهور‏,‏ ولكن دون جدوي‏,‏ وقمت بالاتصال بالشركة المذكورة لمعرفة الجديد‏,‏ ولكن كانت الصدمة الثانية وهي أنه لم يتم إيجاد فرصة عمل تتناسب مع مؤهلي الجامعي‏,‏ لأن تخصصي نادر‏..‏ علما بأنني خريجة كلية الألسن قسم لغة فرنسية‏.‏أين النادر هنا بالله عليكم؟

وعندما طلبت استرجاع المائة جنيه الرسوم‏..‏ رفضت الشركة لأنه كما يقال البضاعة لا ترد ولا تستبدل‏!

..‏حتي أحلام الشباب وآمالهم أصبحت تجارة في أيدي قلوب بلا رحمة ولا شفقة‏!

‏*******

‏كنّاس بالليسانس

ولأن المضطر يركب الصعب‏..‏ فقد عثرنا عليه أمام إحدي الشركات الخاصة‏..‏ شاب في ريعان شبابه‏..‏ هيئته ونضارته وشبابه تتحدث عنه‏,‏ وكما يقول البعض ابن ناس‏..‏

كان يحمل مقشة ويقوم بكنس الشارع أمام الشركة‏,‏ ولأن فضولي الصحفي أخذ يلح علي لمعرفة حكاية هذا الشاب‏..‏

فقد قمت بسؤاله‏:‏ إيه حكايتك؟

قال لي‏:‏ زي أي شاب كان بيحلم أنه يشتغل‏..‏ لقد تخرجت في كلية العلوم عام‏2000..‏ يعني من سبع سنين‏..‏ ولأنني كنت من المتفوقين كان أملي أن أعمل معيدا بالكلية‏..‏ ولكن لأنني لست ابن دكتور أو عميد كلية لم أستطع الحصول علي هذه الوظيفة التي من حقي‏..‏ وبدأت أبحث عن وظيفة أخري‏..‏ وعلمت أن الحكومة ـ أو بمعني أدق وزارة القوي العاملة ـ تقوم بإرسال خطاب لكل خريج لإخطاره بالوظيفة المناسبة‏..‏ ولكن يبدو أنني كنت أحلم بحكومة أخري‏,‏ ودولة غير الدولة‏..‏ وانتظرت كثيرا‏..‏ ولكن الحكومة المصونة كذبت ظني وأرسلت إلي خطاب تعييني بإحدي مدارس القري النائية التي تبعد عن القاهرة بثلاثمائة كيلو وبراتب قدره‏180‏ جنيها في الشهر‏..‏ وتوجهت إلي هذه المدرسة‏..‏ ولكن كانت الصدمة الكبري أن المدرسة لديها عدد كاف من المدرسين‏,‏ والمتاح حاليا هو مدرس ألعاب‏..‏ فرفضت وبدأت رحلة العذاب من جديد‏..‏ عن وهم اسمه الوظيفة‏..‏ طرقت كل الأبواب ولم أجد حتي وجدت أمامي طريقا واحدا هو ترك المؤهل جانبا‏,‏ والتخلي عن كل أحلامي‏,‏ وبالفعل وجدت هذه الوظيفة كناس بإحدي الشركات المتخصصة التي أتقاضي منها‏300‏ جنيه كل شهر‏+‏ إنني أعمل بعدها كحارس ليلي حتي أستطيع أن أعيش‏!

‏*******

جليسة أطفال‏..‏ ولكن‏!

‏‏وتروي لنا هذه الشابة المليحة خريجة كلية الألسن قسم إيطالي قصتها مع الوظيفة‏..‏

قالت‏:‏بحثت كثيرا للحصول علي وظيفة تتناسب مع مؤهلي ولكن دون جدوي‏,‏ حتي قرأت إعلانا يقول‏:‏ مطلوب جليسة أطفال براتب مغري‏..‏ فتوجهت إلي العمل عند إحدي الأسر‏..‏ ولكن مع الأسف واجهت الكثير من المتاعب‏,‏ حيث تعرضت لكثير من المضايقات المعروفة من قبل رب الأسرة‏..‏ وعندما اكتشفت زوجته الأمر قامت بطردي شر طردة‏!‏وتحملت الصدمة وذهبت للعمل بأحد المطاعم كنادلة‏,‏ يعني جرسونة‏..‏ ولكن لم تتركني المتاعب والمضايقات إياها من صاحب المطعم‏,‏ أو من الزبائن‏!‏وقامت في رأسي فكرة جنونية‏..‏ وهي تأجير أحد الميكروباصات السرفيس وقيادته بنفسي‏..‏ فهو مشروع مربح‏!‏وبالفعل مع مرور الأيام بدأت أكسب الكثير‏..‏ ولأننا نعيش في مجتمع شرقي يرفض قيادة الفتاة لسيارات الركاب‏,‏ فقد تعرضت لاعتداء آثم من مجموعة من الشباب في أثناء ركوبهم الميكروباص‏,‏ ولكن ستر الله وتدخل أهل الخير في آخر لحظة أنقذني من براثن الذئاب البشرية‏!‏ولم أيأس‏,‏ وقمت بشراء بعض أدوات التجميل وبيعها للبوتيكات ومراكز التجميل‏,‏ وأكسب علي الأقل‏400‏ جنيه شهريا‏!‏‏

*******

الشرطة رحيمة بالغلابة‏!‏‏

نموذج آخر من العذاب يتمثل في ياسر الفرماوي الذي يروي مأساته‏..

‏ يقول‏:‏لقد تخرجت في كلية التجارة عام‏2001,‏ وبحثت كثيرا للحصول علي وظيفة‏,‏ ولكن دون جدوي‏..‏ وأخيرا قمت بشراء تليفون محمول‏,‏ ونصبت في الشارع لوحة مكتوبا عليها‏:‏ الدقيقة بــ‏50‏ قرشا واتكلم براحتك‏.‏ولأن حكومتنا العظيمة دائما في يقظة للناس الغلابة وغافلة عن الفاسدين‏..‏ فقد جاءت شرطة المرافق وقامت بالقبض علي بوصفي مجرما خطيرا وسحبت المحمول‏,‏ ووجهت إلي تهمة عمل دون ترخيص‏!‏ولم أجد أمامي إلا أن أتوجه كل يوم إلي مكتب التلغرافات لإرسال برقيات إلي جميع المسئولين‏,‏ منهم رئيس مجلس الشعب‏,‏ ورئيس مجلس الوزراء‏..‏ وكان مضمون الرسالة‏:‏ ياسيادة رئيس مجلس الوزراء‏..‏ إنني بدأت أنهار‏..‏ أنا تعبت خلاص أرجوك شوف لي حل‏..‏ قبل ما أضيع‏..‏ حتي المحمول أخذوه مني‏..‏ طب أعمل إيه‏!..‏ رد علي سيادتك قبل ما أنتحر‏!‏توقيع‏:‏ ابنك ياسر

الفرماوي‏!

*******************

غير لائق اجتماعيا‏!‏‏

مأساة أخري لشباب ضائع‏..‏

كما تقول نهي صادق‏..كنت متوجهة إلي وسط القاهرة العاصمة‏..‏ وركبت تاكسيا لزحام الشوارع‏..‏ ولأن فضولي الصحفي يطاردني‏..‏ وإنما شعرت بأن سائق هذا التاكسي وراءه حكاية غريبة‏..‏ فنكشته في الكلام لسؤالي له‏:‏ اخبارك إيه؟

وكأنه كان ينتظر هذا السؤال‏..‏ فراح يفضفض

ويقول إنه تخرج منذ عام‏99‏ في كلية تجارة خارجية‏,‏ وحاول أن يجد وظيفة ولكن دون جدوي‏,‏ وكأي شاب مكافح قام بشراء تاكسي بالقسط للعمل عليه ومساعدته في العيش ونجح في وظيفته الجديدة‏..‏ وأصبح ولدا كسيبا‏..‏ولكن عندما توجه إلي خطبة إحدي الفتيات رفض أهلها لأن وظيفته غير لائقة اجتماعيا‏..‏ ولا تليق ببنات الناس‏!

‏*******

أيها السادة ماذا نحن فاعلون لشباب مثل الورد المفتح يحمل في صدره آمالا عظاما‏..‏ وفي قلبه مرارة‏,‏ والحكومة الإلكترونية تركته لذئاب القطاع الخاص؟الطوابير طويلة والأعداد مهولة‏..‏أيها السادة إنهم قنبلة موقوتة تجلس الآن علي المقاهي وفي الشوارع وفي البيوت وغربان الكآبة والعنف والتطرف والإدمان والضياع تحلق فوق رؤوسهم‏.!‏إنهم لا يريدون منا أكثر من عمل شريف ودائم وآمن‏..‏ هل هذا كثير علي من ندخرهم للأيام الصعبة؟

‏ *******

-عـزت السـعدني-

8 comments:

صبري سراج said...

نستنتج من هذا ان طلبة كلية الألسن كلهم عاطلين وان كلية الالسن كلية نحس

دا حال البلد كلها بس انا بعتب على بعض من الناس دي زي الراجل الاولاني بتاع الحقوق
اللي عشان اتضحك عليه في مكتب راح اشتغل دوج مان مع انه كان ببساطة ممكن يدور على شغل في مكتب تاني

والصورة حلوة يا سوسة :>

Sarah el eskafy said...

ده انا بخليك تتفاءل قبل الامتحانات
وبعدين دى عينات يا صبرى
بس الحمد لله مجابوش سيرة اداب مكتبات(اموشن بيطلع لسانه)
والحمد لله كمان ان الصورة طلعت حلوة(اموشن خجول)

.:.-=- ELGaZaLy-=-.:. said...

وفى افظع من كدة بجد ربنا يرحمنا

مشربية said...

مافيش غير اني اقول ربنا يستر علي حال باقي الكليات
و الخريجين و يا مسهل
الف شكر يا سارة علي الموضوع

شباب روش طحن said...

الواحد جاله إكنئاب بس بصراحة أنا عندي الحل بجد عندي حل بفكر فيه ولو عرفته وطبقته حاغير الواقع ده إنشاء الله

Sarah el eskafy said...

الغزالى
ميرسى لردك وزيارة المدونة

Sarah el eskafy said...

العسكرى
منورنى
وربنا يكون فى عون اللى هيتخرجوا كمان كام يوم اللى زيى
ربنا يستر

Sarah el eskafy said...

شباب روش طحن
معلش على الاكتئاب
بس للاسف ده امر واقع
ومستنية اعرف ايهع الحل